و ما إن دخل عبد القادر ساحة العمليات حتى بدت عليه عبقرية نادرة في قيادة الرجال و من عجيب الأقدار أن تسخر القوة المهيأة للخلوة و العبادة إلى قوة فاعلة في ساحة الأحداث و في مجالات شتى لم يكن ليعرفها سلفه أو بعهدها قدمه. و يعود مصدر هذه الطاقة إلى شخصيته الخفية التي قلما تظهر على واجهة الأحداث،إنها شخصيته الصوفية ،التي هي ركن الشخصيات الأخرى،و قوام النجاحات التي حققتها. إنها فعلا الشخصية الفاعلة لكل الأحداث،و المتبصرة لما يمكن أن يحل من الويلات أو يحصل من الخيرات. إنها فعلا القوة المدبرة التي تحول الضعف إلى ابتكار و الهزيمة إلى انتصار.